لا تسقطوا الشام... ايها البقر
د. احمد حسن المقدسي*
هل هذا خيار سورية الموعودة يا دكتور برهان؟!
رشاد أبوشاور
لماذا انقلبت تركيا وقطر على سوريا، وأيدتها روسيا والصين
د. غادة اليافي
الصراع على الشرق الأوسط: الغاز أولاً
د.عماد فوزي شعيبي
لا تسقطوا الشام... ايها البقر
د. احمد حسن المقدسي*
هذه قصيدة تتناول المؤامرة العربية – الامريكية – الاسرائيلية – التركية التي تـُنفذ فصولها الآن ضد سوريا
القصيدة ليست تأييدا ً للنظام لكنها دفاع عن سوريا الدولة والتاريخ والحضارة والعروبة
هذا بالضبط ما تستهدفه هذه المؤامرة.... الشاعر
***
لا تـُـسقِطوا الشام َ يا أعـراب ُ، واعتبِروا هـذي جـَهنم ُ فـي بغـداد َ تـَـسـْـتعِر ُ
اللعبة ُ ابـتدأت ْ.. واللاعـبون َ أتـَـوا وكاتـب ُ النــَّـص ِّ خـلف َ الـباب ِ مـُـستـَتِر ُ
والحرب ُ توشـك ُ أن ْ تـُـلقي مَعاطِـفـَها وَقــودُها الــنـفط ُ والـدّولار ُ والبـَـشـَر ُ
ماذا أقـول ُ ؟ وهل تـُـجْدي مـُـعاتـَبَتي
وعـُـصْبة ُ الـشَّر مــن ْ صـُهيون َ تأتـَـمِـر ُ
ماذا أقـول ُ لأعــراب ٍ تـُـحَرِّكـُهم
كـف ُّ العـمالة ِ والأحـقاد ُ والـبـَطـَر ُ
فـأي ُّ جامعة ٍ تـلك َ الـتي خــَـنـَعَت ْ
فــيها التـــَّـآمـُـر ُ بالأخلاق ِ يَـعْــتـَمِر ُ
قــرن ٌ وجامـعة ُ الأشـرار ِ في صَــمـَم ٍ
فالأرض ُ تـُنـْهــب ُ، والأعـراب ُ مـا نـَـفـَروا
والقـدس ُ تـُـذبح ُ مِــثل َ الطيْر ِ راعِـفة ً
فأطـْـرق ٌ القـوم ُ، لا حِــس ٌّ ولا خـَـبَر ُ
كـم ْ قبـَّـلوا كــَـف َّ جـَـزّار ٍ يُـقـَـتـِّـلنا
وفـوق َ أشـلائنا يا ويْـحَهم سـَـكِروا
هــل تـِلك َ جـامعة ٌ أم تِـلك َ مَـزبلة ٌ يَسوسُها في زمان ِ العـُهْـر ِ مـَن ْ صَـغـُروا
هــذي الــزَّريْـبـَة ُ ما عـادت ْ تــُـمـَثــِّـلـُنا مـادام َ تـَسـكنها الثــيْران ُ والحـُــمُر ُ
اليوم َ أنعـي لأهـل ِ الخـير ِ جامعة ً
عـَـرّابـُـها الـدُّب ُّ والأفـّـاق ُ والــقـّذِر ُ
لـو ذرّة ٌ مـِــن ْ حـياء ٍ في وُجُوهـِهـِم ُ
لأشـعلوا النار َ فـي الإسـْـطبل َ وانتـحروا
***
لا تقتــلوا الــشام َ فالــتاريخ ُ عـَــلـَّمنا أن َّ العـُــروبة َ دون َ الــشام ِ تـَــندَحِـر ُ
فــأمـَّة ُ العـُــرْب ِ لا تـَــفـْنى بـلا قـَــطـَر ٍ لـكــنها دون َ رُمـْـح ِ الـــشام ِ تنكــسِر ُ
ولــن ْ نعيــش َ كأيتــام ٍ بــلا حـَــمَـد ٍ ولـن نمــوت َ إذا مــا أ ُلغِــــيَت ْ قــَــطـَر ُ
لكـننا دون َ سـَــيْف ِ الـــشام ِ جارية ٌ
يـَـلوطـُها التـُّـرْك ُ.. والرومان ُ.. والتـَّــتـَر ُ
قـبائـل ُ النـفط ِ باسـم ِ الــحُب ِّ تقتـُــلـُنا
فالـحُب ُ فـاض َ بـهم ْ، والعـِـشق ُ ينفجـِــر ُ
عـواصِـم َ المِلح ِ عـودوا عـن مَحَــبَّتِكـُم
فلـدغة ُ الحـُـب ِّ مــنْ أنيابكم سـَـقـَر ُ
يا مرحـبا ً بـِـدِمُــقــراطية ٍ هـَـبَطـَـت ْ
مِـن َ الـسماء ِ وقــد كانوا بـها كـفروا
هـذا الـــزواج ُ مــن الموساد ِ نعرِفـُــه ُ ولــيس َ يـُخـْــطِئه ُ سـَــمْـع ٌ ولا بـَــصـَر ُ
هـذي دموع ُ تماسـيح ٍ، فـما ذ ُرفـت ْ لـشعْب ِ غـــزة َ والآلاف ُ تـُــحْتـَضـَر ُ
هـذا العـويل ُ علــى الأرواح ِ لـم نـَرَه ُ والناس ُ تـُـطـْبَخ ُ في قـانا وتنـْــصَهـِر ُ
وفـي العـراق ِ صـَـمَتـُّم ْ صـَــمْت َ مـَــقـْبَرَة ٍ وآلة ُ المـوت ِ لا تـُــبقي ولا تـَـذَر ُ
أمـَّا القـَـطيف ُ، فـَـهُم ْ أبــناء ُ جــاريـَة ٍ
وقـَــتـْلـُهم طــاعة ٌ للـه ِ يُعـْـــتـَبَر ُ
فما رأيـْـنـَا عــيونا ً أدْمَعَـت ْ دُرَرَا ً
ولا قـُلـوبا ً علـى الأرواح ِ تـَنـْـفـَطِر ُ
***
لا تـقتـلوا الــشام َ إن َّ الـشام َ روضتـُنا دون َ الــشآم ِ يـموت ُ الضَـــوء ُ والــقـَمَر ُ
لا تـَـذْبحوها فــهذي الــشام ُ لوحـَــتـُنا لولا الـــشآم ُ لـمات َ الــشِّـعْر ُ والــــحَوَر ُ
يا شـام ُ صبرا ً، فإن َّ الغـدْرَ دَيـْــدَنـُهم كـم مـرة ٍ لــتراب الـقـُدس ِ قــد غــدَروا !!
ظـَـنـُّوا الـزَعامَة َ دشـْـداشـا ً ومـِسْـبَحَة ً
ولـحْيـَة ً بـِــسـُموم ِ الـنفط ِ تـَخـْـتـَمِـر ُ
حَسِـبْـتـُهم ْ مـِـن ْ خطايا الأمس ِ قد فـَهِـموا
ظــَــننتـُهم فـَـهـِموا، لـكنـَّهم بـَــقـَر ُ
***
يا رب ُ عـفوك َ، أنـْـقِذنا بمعجزة ٍ
تـُـزلزلُ الأرض َ فـيهم، إنـَّهم فـجَروا
:::::
* كاتب وشاعر واكاديمي عربي من فلسطين مقيم في القدس
المصدر: "عرب تايمز".
النسخة الكاملة غير المشوهة لمقابلة بشار الأسد مع باربرا والتر
هل هذا خيار سورية الموعودة يا دكتور برهان؟!
رشاد أبوشاور
لا يمكن وصف تصريحات الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري بأنها غير موفقة، فهي لم تصدر منه عفو الخاطر، ولم تفهم منه على غير حقيقتها، وبعيدا عما تعنيه، فالصحيفة الأمريكية التي نقلتها، وول ستريت جورنال، في مقابلة أجرتها معه يوم الجمعة 2 ديسمبر الجاري، لا يمكن أن تقوّله ما لم يقل.
تلك التصريحات التي نقلتها إذاعة مونتكارلو في نشرتها الصباحية يوم السبت، وثبتتها القدس العربي على موقعهاالإلكتروني يومي السبت والأحد 3 و4 الجاري، لم ينفها الدكتور برهان، ولا أنكرها أي عضو من أعضاء المجلس الوطني الذي يشكل الأخوان المسلمون مكونه الأساس.
يعد الدكتور برهان في لقائه الصحفي مع الصحيفة بقطع العلاقات العسكرية الإستراتيجية مع إيران في حال وصلت المعارضة للحكم، ولا يتوقف عند هذا الحد في قطع العلاقات، ولا اعتراض على خيارات سورية إذا ما استحوذت المعارضة بقيادة المجلس الوطني الذي يترأسه الدكتور غليون على السلطة، فهذا شأنهم، ولكن ما يثير في تصريحاته للصحيفة المذكورة توعده بقطع العلاقات مع حزب الله، وحركة حماس الفلسطينية.
وكما جاء قي الصحيفة فإن إيران ستفقد بمحاصرة حزب الله حليفا قويا، فالدكتور لا يرى، كما هو واضح منتصريحاته للصحيفة الأمريكية، في حزب الله سوى مجرّد ذراع لإيران، وليس قوّة مقاومة كنست الاحتلال الصهيوني عن أرض لبنان في العام2000، وألحقت به هزيمة لم ينكرها قادته العسكريون والسياسيون والإعلاميون في تموز العام 2006، وهو انتصار غير مسبوق في الصراع العربي الصهيوني.. فهل هذا الانتصار مصلحة إيرانية صرفة؟ ألا تراكم هذه الانتصارات مسيرة هزيمة المشروع الصهيوني، وتقريب فجر حريّة فلسطين، والعرب المؤمنين بنهضة الأمة؟!
في تصريحاته المتوعدة، والتي ترسم سياسة سورية التي ستكون عليها في حال هيمنت معارضة المجلس الوطني، لا يتوقف الدكتور برهان عند محاصرة حزب الله، وإنهاء العلاقة السورية - اللوجستيه معه، ومحاصرته، بل يعد أيضا بقطع العلاقة مع حركة حماس الفلسطينية ..لماذا؟ وهل سيكتفي هو والمجلس بطرد حماس وحدها،وهي غير محسوبة على إيران، وإن كانت تتلقى مساعدات مالية منها، فهي حركة فلسطينية، وهي دينيا ( سنيّة)؟!
طرد حماس سيعني طرد كافة الفصائل الفلسطينية المتواجدة على الأراضي السورية.. والتي كان طردها مطلبا أمريكيا، وشرطا لعلاقات صحية أمريكية مع النظام الحالي!
أي دولة من حقها أن تنسج علاقات وطيدة مع دولة أُخرى، أو أن تهبط بعلاقاتها إلى مستوى العلاقات الفاترة، أو حتى تقطع علاقاتها مع دولة تسيء إليها.. ولكن يا ترى: ما معنى توعد حركات مقاومة خطرها موجه للاحتلالسواء في فلسطين، أو على الأراضي اللبنانية؟!
نجد الجواب على تساؤلاتنا في تصريحات الدكتور نفسها، فهو يطمئن جهات بعينها أمريكية و( إسرائيلية) إلى أنسورية.. خيار المعارضة، ستكون مسالمة، فهي ستعمل على استعادة الجولان.. بالتفاوض، والتفاوض، والتفاوض!
ولأننا نعرف أن نظام الحكم الحالي سعى لاستعادة الجولان مرارا وتكرارا بالتفاوض، وآخر محاولة كانت بوساطة تركية - في الفترة الذهبية التي خبت بين سورية وتركيا- ولم يتمكن السيد أردوغان من إنجاز شيء مع نتنياهو، لأن الكيان الصهيوني الاحتلالي يريد بحيرة طبرية كاملة، وماء الجولان كاملا، والأراضي الزراعية المستثمرة دون تنازل عن دونم أرض واحد.. ومقابل ماذا ؟ السلام!.. فإننا نسأل الدكتور برهان، والمجلس الوطني بثقله الإخواني: هل أنتم أكثر براعة في المفاوضات؟ أم إن الاحتلال الصهيوني سيطمئن لكم، ويتنازل كرمى لروحهم السلامية عنالجولان؟ وهل أنتم أبرع من القيادة الفلسطينية التي قدمت تنازلات للكيان الصهيوني ما كانت تخطر ببال أحد.. ومع ذلك فها هي النتيجة ماثلة للعيان..أم تراكم لا ترون، ولا تسمعون، ولا تتعلمون؟!
تصريحات الدكتور برهان غليون غير مطمئنة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وأبعد من ذلك لمئات ألوف الفلسطينيين الذين يعيشون في سورية منذ عام 1948 ، ويحظون في سورية، وفي كل عهودها السياسية بمعاملة محترمة تعبر عن أخوة عربية، حتى في زمن ( الانفصال) رغم قبحه السياسي، وهذه السياسة تنسجم مع روح الشعب السوري العربية، وتبنيه القومي لفلسطين - سورية الجنوبية، التي رأى فيها دائما قضيته الوجودية الخاصة.
تصريحات الدكتور غليون ترسم ملامح سياسة سورية إقليمية تنسجم فقط مع ما يطلبه الآخرون ويريدونه من سورية، وهي تؤجج نزعات ونعرات إقليمية مغلقة تؤدي إلى الطائفية المريضة، وتبّت العلاقة مع فلسطين التي ستبقى القضية القومية الأولى رغم دعوات وخيارات كل القوى الانفصالية في بلاد العرب، وتحت أية مسميات وعناوين وادعاءات.
هنا نسأل: أهذا خطاب ( ثورة) أم تراه خطاب ( ثورة) مضادة يا دكتور؟!
ولأن الأمر لا يخص الدكتور غليون، فإن الإخوان المسلمين مطالبون بتوضيح موقفهم من تصريحاته. هل سيطردون حركة حماس والفصائل الفلسطينية من سورية في حال هيمنوا على الحكم؟!
وهل سيعني هذا أنه معنيون فقط بحكم سورية، ولا يعنيهم مصير ومستقبل المقاومة في فلسطين ولبنان؟!
هل موقفهم من حزب الله يعود إلى أسباب طائفية، أم اختلافا معه على المقاومة التي يرون أنها غير مجدية، وأنالتفاوض لاستعادة الجولان هو الأسلم، كما يطرح الدكتور غليون الذي نصّبوه رئيسا لمجلسهم؟!
هذه التصريحات لها خلفيات، وهي تعبر عن تحالفات ، منها ما ظهر، ومنها ما هو خاف.. وإن كان لا يخفى على المتابعين، والمراقبين، والمعنيين بمصير ثورات الربيع العربي التي يعمل على اختطافها النفط العربي المتحالف مع كل أعداء الأمة، وفي المقدمة: أمريكا والكيان الصهيوني.
ثمّة ما بدأ يظهر، وما سيظهر، فمن يطرحون هذه الطروحات يتجهون للخيار( الليبي) في جانبه النفطي الناتوي.. والعراقي في تجلياته الطائفية، وتبعيته، وما جرّه من خراب.
نحن من وقفنا مع حراك الشعب السوري، وخياراته، وحقوقه، ورفضنا الحل الأمني والقمع.. وعسكرة الحراك أيضا، نرى جيدا، ونقرأ جيدا، وبعض ما نراه يدفعنا للتنبه والتنبيه قبل فوات الأوان!.
ومن جديد نعود لرفع الصوت منحازين للشعب السوري الذي ينزف.. ونعلن رفضنا لهكذا سياسة موعودة مدمرة للشعب السوري قبل إيران، وقبل حزب الله وحماس والفصائل الفلسطينية.
الثورات تنتصر بعزيمة وتضحيات الشعوب، وليس باستجلاب التدخل الخارجي الذي يرتهن الإرادة، وينحرف بالثورة إلى الثورة المضادة.
ختاما أود أن أسأل الدكتور برهان الذي عرفه القرّاء العرب مفكرا معنيا بنشر الوعي بالديمقراطية، وأهميتها لبناء مجتمعات جديدة حرّة، ودول عادلة معاصرة: هل استفتيت الشعب السوري بما طرحته، وما تبشر به لسورية.. أم تراك وما تمثله ترون أن الجماهير قاصرة، وأنكم تعرفون مصلحتها، وتقررون نيابة عنها؟!
بماذا إذا تختلفون يا دكتور عن أي نظام حكم تثور عليه الشعوب في بلاد العرب؟!
المصدر: "القدس العربي"، 07/12/2011
لماذا انقلبت تركيا وقطر على سوريا، وأيدتها روسيا والصين
د. غادة اليافي
شبكة الوحدة الإخبارية
المصدر : نشرة كنعان
التاريخ :23-11-2011
لمن يريد معرفة الوقائع بشكل علمي وواقعي، ننشر هذه الدراسة وهي في غاية الأهمية للدكتورة غادة اليافي، ابنة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق عبد الله اليافي، حول الحرب على سوريا.
هذا المقال يحوي الإجابات المنطقية القاطعه على كل التساؤولات المطروحة, لماذا انقلب التركي و القطري على سوريا..؟ , ما هو سر الشرق الأوسط الجديد..؟ ما هو سر إنقلاب أمير قطر على أبيه و أردوغان على معلمه نجم الدين أربكان..؟ ما سبب الأحداث في سوريا..؟ الى أين تتجه الأحداث و ما هو مستقبل سوريا..؟ ما هو سر وثائق ويكيليكس..؟
[1] الحرب على سوريا
يسأل مواطن قائلاً إن نسبة من تظاهر في لبنان الى عدد سكان لبنان (مليون من أصل أربع ملايين لبناني) أكبر من نسبة من تظاهر في مصر نسبة الى عدد سكان مصر (مليونيين من اصل ثمانين مليون) و في لبنان الجيش و المقاومة ليسوا تحت سلطة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة , فكيف يمكن لمظاهرة إسقاط نظام , ففي لبنان قام السينورة بحفل زفاف إبنه في السراي الحكومي نكاية بالمتظاهرين , بينما في مصر سقط النظام , فما هي أسرار الربيع العربي, و لماذا فقط تركيا و قطر هم رأس الحربة ضد سوريا.
في هذا المقال سأثبت بالدليل القاطع و أقدم الإجابات عن كل الأسئلة المطروحة ما هي قصة الربيع العربي, و الثورات المزعومة, و لماذا تريد واشنطن تقسيم المقسم و هل مشروع الشرق الأوسط الجديد حقيقة.
بدأت القصة منذ العام 1992 حيث تم إقرار إتفاقية كيوتو للحد من إنبعاث الغازات الى الجو و لمنع تفاقم الإحتباس الحراري, و في العام 1994 ألزم الإتحاد الآوروبي نفسه بهذه الإتفاقية و أصبح الغاز أهم من النفط, و الغاز موجود في إيران و روسيا فهل ستسمح واشنطن بزيادة النفوذ الروسي في آوروبا و خصوصا بعد زوال حلف وارسو و بالتالي زوال سبب وجود الناتو.
في العام 1995 عقدت صفقة في قطر أدت الى إنقلاب الإبن على أبيه , و جرى ترسيم الحدود مع إيران و بدأ إستخراج الغاز لتلبية الطلب الآوروبي, فكان البدء بتسييل الغاز القطري كون لا يمكن مدد أنابيب من قطر الى آوروبا, و البحرين و سلطنة عمان يشترون غاز بعيد بينما الغاز القطري مخصص للسوق الآوروبية لمنافسة الغاز الروسي, و جاء هذا بعد أن قامت واشنطن بإشعال الشيشان و يوغسلافيا بوساطة الأفغان العرب.
في العام 1996 كان بوتين قد بدأ الامساك بزمام الإمور جراء الوضع في الشيشان و تأسست شركة غازبروم التي ستصبح هي الحاكم الفعلي لروسيا على غرار الشركات الأمريكية التي تحكم الولايات المتحدة.
مشروع الشرق الأوسط الجديد:- واشنطن تدرك خريطة الغاز في المنطقة و هي في تركمانستان و أذربيجان و إيران و مصر , و الغاز الذي كانت تعلم به واشنطن فقط في ساحل البحر الأبيض المتوسط ما بين فلسطين و لبنان و قبرص, و أدركت واشنطن إن السيطرة على هذه المنابع تعني بقاء واشنطن قطب أوحد يدير العالم, فهي قادرة على منافسة الغاز الروسي , و كون غاز أذربيجان و تركمانستان الوصول لهم صعب كونهم في منطقة نفوذ روسي , فإن الوصول لهم سهل في حال سيطرت واشنطن على غاز المتوسط و زودت آوروبا بالغاز و أصبحت موسكو عاجزة عن شراء الغاز من آسيا الوسطى, التي سترغم للدخول في النفق الأمريكي, و لكن الحصول على الغاز في المتوسط يحتاج الى سلام في المنطقة, و السلام في المنطقة وفق الشرعية الدولية سيكون بداية نهاية إسرائيل, و هنا قررت واشنطن تقسيم الشرق الأوسط الى دول طائفية تديرها إسرائيل, بحيث تتمكن من تصفية القضية الفلسطينية, و لكن قبل طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد كان هناك طريقة أسهل في نظر واشنطن و هي القضاء على المقاومة في لبنان فيمكن الوصول الى الغاز دون حل القضية الفلسطينية, التي أصبحت عائقا أمام مستقبل واشنطن, فكيف بدأت واشنطن بالعمل للسيطرة على هذه المنطقة, علماً بأن المشكلة في وجه واشنطن هي إما تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على المقاومة في لبنان.
- الحرب على لبنان في العام 1996 تحت إسم عناقيد الغضب للقضاء على حزب الله و المقاومة , لفرض سلام مع لبنان يؤمن إمدادات الغاز, و لكن فشل العدوان و بل أصبحت المقاومة مشروعة و ألزمت إسرائيل أول مرة بتاريخ حياتها للإلتزام بتفاهم نيسان, و ثم جاء العام 2000 و هو عام النكسة الأمريكية, حيث تحرر الجنوب اللبناني و بنفس العام وصل بوتين خصم الغرب الى السلطة في روسيا, على إثر وفاة يلتسن.
البدء بتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد:- أدركت واشنطن أن الغاز القطري أصبح عاجز عن المنافسة في السوق الآوروبية و أن النفوذ الروسي يزيد في آوروبا مع إزدياد الطلب, و ليس ذلك فحسب بل بدأت موسكو بالإنتعاش الإقتصادي تستعيد عافيتها, فقررت التحرك و كان الهجوم بالطائرات على مبنى التجارة العالمي في أمريكيا هو مقدمة الهجوم الأمريكي كرد على هزيمة إسرائيل في لبنان و وصول بوتين الى السلطة و التقارب الصيني الروسي , بعد توتر دام عقود أبان الحرب الباردة , و سقوط بعض معاقل واشنطن في أمريكيا الجنوبية و كانت البداية من إحتلال أفغانستان, و طبعا الهدف هو قطع طرق الترانزيت عن الصين و محاصرتها و محاصرة روسيا من جهة ثانية و محاصرة إيران.
في العام 2002 , عقدت واشنطن صفقة مع رجب طيب أردوغان و عبد الله غل الذين إنقلبا على معلمهم أربكان, و أسسا حزب العدالة و التنمية ليصبح عبد الله غل أول رئيس حكومة إسلامي في تركيا, و كما كان الإنقلاب في قطر سببه الغاز كان الإنقلاب في تركيا سببه الغاز فمع ظهور حزب العدالة و التنمية أعلنت واشنطن عن خط غاز نابوكو, و عند الأمريكيين حتى الإسم له معنى , فنابوكو إسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن ما سمي سبي نبوخذ نصر لليهود في العراق, و بعدها بعام تم إحتلال العراق فعلاً.
لماذا نابوكو؟ طبعا تدرك واشنطن أن الغاز في آسيا الوسطى محال أن يصلها , و في إيران الحرب شبه مستحيلة, و لكن روسيا لم تكن تدرك أن البحر المتوسط يحوي الغاز الذي تريده واشنطن, فواشنطن حين أعلنت عن خط نابوكو كانت تعتقد موسكو أن هذا الخط ولد ميتا , و لكن واشنطن كانت تخطط أولاً للحصول على الغاز من مصر و ساحل المتوسط فلسطين و لبنان و قبرص, و مع تقسيم و تدمير سوريا ستحصل حكما بلا حرب على الغاز الإيراني , و بالتالي حكما لن تستطيع بعدها موسكو شراء الغاز الأذري, فبذلك تفقد موسكو نفوذها في المتوسط و آوروبا و وسط آسيا دفعة واحدة, و تكون واشنطن سيطرت على العالم للأبد.
نابوكو حلم أردوغان:- نابوكو يجمع غاز المنطقة في تركيا, ليصدر الى آوروبا دون المرور في اليونان, فتتحول تركيا الى دولة ثرية بالترانزيت الذي يفترض أن يبدأ بـ 31 مليار متر مكعب و يصل الى 40مليار متر مكعب, و لهذا أردوغان الذي يدرك أن الوصول في البداية الى غاز وسط آسيا مستحيل أشرف بنفسه على زيارة القاهرة لدعوتها للتوقيع على اتفاق نابوكو, و لم يدرك وقتها حسني مبارك أن يوقع على وثيقة إقالته من السلطة.الصفقة مع أردوغان عبد الله غل و أمريكيا:
-يقوم اردوغان و غل بتأسيس حزب إسلامي و تساعده واشنطن على الإمساك بزمام السلطة……
- يقبل هذا الحزب بتقسيم مصر الى ثلاث دول , و العراق الى ثلاث دول و سوريا الى أربع دول….
- تتعهد واشنطن بجعل النفوذ على الدول السنية من الدويلات الجديدة لتركيا, و تقبل تركيا بأن يكون النفوذ على باقي الدول لإسرائيل…..
- تتعهد واشنطن بأن لا يمر إنبوب الغاز في اليونان كي تضمن تركيا الحصول على كامل قبرص و الدخول في الإتحاد الآوروبي على حساب اليونان…..
- مقابل أن تحول الولايات المتحدة تركيا الى عقدة غاز عالمية يقبل أردوغان أن يكون النفوذ على هذه العقدة لواشنطن……
- تساعد تركيا الولايات المتحدة في أفغانستان خصوصا و العراق. الدول التي كانت واشنطن بصدد إنشائها:-
مصر :- دولة قبطية و دولة سنية متشددة و دولة للنوبيين, و دليل ذلك أعقب الثورة عنف طائفي مدروس حيث كانت تضن واشنطن أن سقوط سوريا لن يستغرق أكثر من شهر, و لأول مرة بعد الثورة الإعلام يتناول النوبيين في مصر, و سر الفراغ السياسي في مصر هو إنتظار تطور الأحداث في سوريا, و ما تفجير خطوط الغاز في سيناء الا رسائل على أن المشروع حتى لو نجح لن يصل الغاز الى آوروبا, و ما توقف العنف الطائفي في مصر الا لأن سوريا لم تسقط….
سوريا :- المفروض تقسيمها الى أربع دول و سبب بداية الأحداث من درعا لان المشروع كان يقضي بترحيل كل أهالي درعا من الجنوب السوري بشكل نهائي, و من يتابع تسلسل بداية الأحداث يمكنه وضع تصور عن التقسيمات التي كانت تخطط لها واشنطن.
و طبعا التقسيم سيشمل باكستان و الخليج و العراق و حتى تركيا,نفسها و يعتقد أن أردوغان وافق على تقسيم تركيا بحيث دولة صغيرة غنية و لها نفوذ أفضل من دولة كبيرة بلا نفوذ.
الولايات المتحدة تشن هجومها الثاني:- رغم وصول أردوغان الى السلطة, و لكن كان على الولايات المتحدة إقناع حلفائها في الدخول في خط الغاز, فكانت الجزء الثاني من الهجوم بدأ بالثورة البرتقالية في أوكرانيا حيث إمدادات الغاز الروسي , و بدء التحرش بروسيا البيضاء, كذلك حيث إمدادات الغاز الروسي , و ثم تم إغتيال رفيق الحريري لبدء الضغط على دمشق,فكانت الحرب على لبنان و لكن عوضا عن تهجير أهالي الجنوب بشكل عام و الشيعه بشكل خاص الى العراق خسرت إسرائيل الحرب خسارة زلزت واشنطن نفسها, و كسرت هيبتها.
لجأت واشنطن الى حلفائها الجدد في أوكرانيا للضغط على الغاز الروسي لكي تضمن الولايات المتحدة الدعم الآوروبي لمشروعها القادم, حيث لازال بجعبتها خطط بديلة, و فعلا قطعت موسكو الغاز عن آوروبا إسبوعين , واشنطن أرسلت رسالة بضرورة عدم الإعتماد على الغاز الروسي, و روسيا أرسلت رسالة بأن دول عبور الغاز هامة و بالتالي حتى لو جاء الغاز من مكان ثاني ضربه سهل, و نتج من هذه الحرب خروج البرتقاليين من السلطة برضى آوروبا.
الغضب الروسي:- سارعت موسكو بالرد, و كان رد موسكو عنيف, بعد الإعلان عن خط نابوكو, حيث أعلنت غاز بروم بأنها ستسثمر في مشاريع غاز من أمريكيا اللاتينية و إفريقيا و آسيا و حتى واشنطن ستجد نفسها تشتري الغاز من روسيا, و أعلنت روسيا عن أربع خطوط غاز و بدأت فعليا بالعمل و هي:
1 -السيل الشمالي يوصل الغاز من شمال روسيا الى ألمانيا عبر البحر دون المرور ببر بيلاروسيا و بدأ تنفيذ هذا المشروع فعلياً و بالتالي خف الضغط الأمريكي على روسيا البيضاء لان اسقاط بيلاروس لن يفيد بعد الآن بوقف إمداد الغاز…..
2- السيل الجنوبي عبر البحر الأسود الى بلغاريا و منها يتوزع خط عبر رومانيا هنغاريا النمسا, و جنوبا عبر اليونان إيطاليا, و قد تم إنجاز معظم الإتفاقيات لمد هذا الخط……
3- السيل الأزرق عبر تركيا فسوريا الأردن لمد الأردن و إسرائيل بالغاز, هذا يثبت أن موسكو لم تكن تعلم بوجود الغاز في المتوسط و قد تم إلغاء هذا الخط فعلياً, بعد أن علمت بإحتياطات الغاز في المتوسط……
4- مد خط من نيجيريا الى النيجر فالجزائر لتسييل الغاز نقله الى آوروبا و لاحقا مد إنبوب الى آوروبا….
5- قامت أيضا غاز بروم بالإستحواذ على نصف حصة شركة ايني الإيطالية في ليبيا , و بدأ بالإستثمار في السودان و زار بوتين مصر على أمل الإستثمار في مصر. و رداً على الخطوات الروسية سيبدأ الربيع العربي , تمهيدا لتقسيم المنطقة و عزل روسيا و الصين عن المتوسط, و الإستحواذ على غاز مصر و المتوسط , و ثم قطع الطريق في شمال آسيا على اية مشاريع روسية, من خلال إسقاط شمال إفريقيا, و هذا ما سنتكلم عنه في الجزء الثاني.
[2] الربيع العربي
رداً على التصعيد الروسي بدأت واشنطن بالتصعيد , و يمكن القول أن وثائق ويكي ليكس كانت مقدمة لبدء الهجوم الأمريكي الجديد على المنطقة, فهذه الوثائق قد تم تسريبها عن قصد و لسبب, و ما تسريبات ويكيليكس الا رسالة أمريكية الى من تبتزهم بالشرق الأوسط مفادها من لا يسير معنا ستسرب وثائقه, و من جهة ثانية بين كل الف وثيقة بالإمكان تسريب وثيقة كاذبة بقصد زرع البلبلة للحرب النفسية.
طبعا الهجوم على سوريا يحتاج الى الخاصرة اللبنانية التي لم تستطيع إسرائيل إحتلالها , و المال السعودي و الإرهابيين السعوديين, رغم ان المشاريع في الشرق الأوسط كلها دون إستثناء على حساب السعودية, فظهور قطر كان على حساب السعودية, و ثم ظهور تركيا كان على حساب السعودية, و بدأ التسريب عن بعض السياسيين اللبنانيين الذين إحترقت أوراقهم أصلاً, و حتى أن البعض كان يعتقدهم أنهم خونة أكثر مما ذكرت ويكيليكس, و قليلا مما يحدث في المملكة العربية السعودية .
و لكن من أهم الوثائق كانت التي تتحدث عن الفساد في تونس, لدرجة أن بن علي أيامها حجب موقع جريدة الأخبار عن التونسيين كي لا تصل الفضائح الى التونسيين و السبب هو التحضير للهجوم على ليبيا و لاحقاً الجزائر لقطع الطريق أمام روسيا و بل أمام النفوذ الصيني المتنامي في إفريقيا, و كان يجب التخلص من مبارك كذلك لعدة أسباب منها لزوم تقسيم مصر.
التخلص من مصر كنقطة ضعف مرعبة بأي وقت من الممكن أن تسقط, تسليم الإخوان المسلمين الحكم في كبداية لتقسيم مصر و تنفيذ للصفقة مع أردوغان, و قبل الحديث عن الربيع العربي سنمر على السودان لنفهم تطور الأحداث في اليمن و الصومال و السودان لتشكيل صورة كاملة عن الأحداث , فماذا حدث في السودان.
السودان:- الى جانب الغاز زاد الطلب الآوروبي على الوقود الحيوي, الذي بدأ من 1% و ارتفع الى 7% و سيصل الى 10% و بالتالي 10% من الوقود الحيوي ستكون ضمن الوقود في الإتحاد الآوروبي, و بدأ صراع روسي أمريكي على الوقود الحيوي, فقامت وشنطن و دون سابق إنذار بقطع القمح عن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم , كي تمنع موسكو من بيع المزيد من الوقود الحيوي في السوق الآوروبية و كلنا يتذكر أزمة القمح المصرية حين قامت سوريا بمساعدة مصر من مخزونها الإستراتيجي, و السودان الى جانب غناه بالنفط و الغاز مرشح لأن يكون أكبر مصدر للوقود الحيوي في العالم.
و اشنطن وضمن الصفقة مع أمير قطر تم إنشاء شركة كافاك القطرية للاضافات البترولية و بدأت قطر بالإستثمار في السودان لحساب واشنطن, أي أن الولايات المتحدة وضعت قاعدة عسكرية في قطر لبدء إستخراج الغاز و الوقود الحيوي, و كان هناك في السودان صراع خفي أشعل السودان حيث جن جنون واشنطن من العقود بين السودان و الصين للتنقيب عن النفط و دخول غاز بروم للسودان لاستثمار الغاز, حتى وصل الأمر الى إستدعاء الرئيس السوداني الى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته على جرائم واشنطن في السودان, كما حوكم سابقا ميلوسوفيتش على جرائم الناتو و الأفغان العرب في يوغسلافيا, و لكن الصين التي غيرت إستراتيجيتها القتالية و أصبح بمقدورها شن ضربات إستباقية للحفاظ على الأمن القومي الصيني, و معها السودان شنوا هجوم مضاد من خلال دعم تمرد في تشاد التي تصدر الإرهاب للسودان.
هنا حين وصل ثوار تشاد الى تخوم العاصمة التشادية أوقفت واشنطن مهزلتها و عدوانها في السودان عبر صفقة , و هدأ إقليم دارفور و نسي العالم أن الرئيس السوداني مطلوب للمحكمة الدولية, و لكن أمريكيا التي هزمت جزئيا , بدأت بإستراتيجية جديدة من خلال التضييق على إمدادات الصين من السودان فلم تنجح بضرب السودان فقررت ضرب خط الإمداد, فأصبحت بحاجة الى الصومال, و لكن قلبت الموازيين في وجهها مع ظهور المحاكم الإسلامية, فقامت قطر بالتدخل لحساب واشنطن و إشترت زعيم المحاكم الإسلامية, تحت وقع ضربات القوات الإثيوبية, و بدأ أعمال القرصنة في المضيق, و كانت تدار من دبي و يرسل للقراصنة السفن المستهدفة البعيدة عن القطع العسكرية عبر رصدها بالأقمار الصناعية, و كانت بداية لإشعال المنطقة فإشتعل اليمن في الشمال الحوثيين, و في الجنوب الإنفصاليين, و دخلت قوات روسية و صينية الى المياه لحماية المضيق من القراصنة و قبضوا على الكثير من القراصنة حتى أصبحت القرصنة تثقل كاهل من يديرها.
و كما ظهرت القرصنة فجأة إختفت القرصنة بإشتعال اليمن في ثورات لقوى متصارعه, و لم تنجح واشنطن في شرب إمدادات النفط الصيني من السودان و لازال الصراع قائماً على منطقة أبيي الغنية بالنفط..
عودة لبداية الربيع العربي:- إذا كان أسر حزب الله لجنود إسرائيليين قد قدم موعد الحرب فساعد حزب الله على النصر فإن إحراق أبو عزيزي نفسه سرع المشروع الأمريكي لينقذ سوريا لاحقاً, فتم إسقاط بن علي و لاحقا مبارك و بدء الهجوم على سوريا و ليبيا دفعه واحدة,ففي تونس حدث إنقلاب عسكري تحت غطاء الإحتجاجات الشعبية, و في مصر نفس الأمر, و من تونس دخل السلاح الى ليبيا و من مصر دخلت قوات شاركت في أحداث ليبيا, و ما المجلس العسكري الا حالة وقتية تنتظر القرار الأمريكي في حال سقوط سوريا, و لكن مع فشل إسقاط سوريا توقف العنف الطائفي في مصر و هذا يعني أن التقسيم مجمد الى آجل غير مسمى, و بعد أن كان مقرراً تسليم السلطة للإخوان المسلمين جاري حالياً تهميشهم كون الإستراتيجية تغيرت مع عدم قدرة واشنطن على إسقاط سوريا.
في الهجوم على سوريا:- في البداية لنطرح السؤال التالي اذا كان عمر هيلاري كلينتون 70 عاما, و كان ساركوزي يهودي من آوروبا الشرقية, فما هو لون الثياب الداخلية لأردوغان؟
طبعا السؤال غريب و الجواب يكون و ما دخل هذا بهذا؟ هنا نقول هكذا بدأت الأحداث في درعا مع فشل الدعوات عبر الإنترنيت كما حدث في مصر فبعد دعوتين لم يخرج اي متظاهر في سوريا بدأ تشغيل التظاهر قسراً. فتم الحديث عن إعتقال مجموعه أطفال , و لكن المظاهرات خرجت في 18 آذار ضد رجل أعمال سوريا, و ضد مشغل خليوي سوري و ليس مثلا ضد المشغل الثالث الذي كان من الممكن أن يكون سعودي أو قطري, و خرجت مظاهرات ضد إيران و ضد المقاومة اللبنانية, فأين هي المطالب الشعبية و أين هي الإحتجاجات…؟
قد يكون من دفع للاطفال للكتابة على الجدران و من بلغ عنهم و من إعتقلهم يديرهم شخص واحد, فلم تتحدث السلطات السورية عن هذه القصة و لكن هذه القصة التي كان من المفترض أن تكون سبب الإحتجاجات, لم يتم التطرق لها بأي إحتجاجات, و حسب الأفلام التي رفعها المتظاهرون من درعا كان هناك مشفى ميداني في اليوم الأول للأحداث في الجامع العمري, حين يطلب إسعاف شخص الى الجامع, و من اليوم الأول كان هناك شخص واحد يرفع الأفلام على الأنترنيت و ليس تصوير أفلام من قبل محتجين و رفعها؟
من اليوم الأول بدأت أعمال تمثيل لأفلام. في اليوم الأول للأحداث سقط مدني و ما يزيد عن 25 رجل أمن سقطوا شهداء و لكن في الإعلام كان يتم الكلام عن مئات القتلى, و بدأ تطور الأحداث في سوريا, في درعا كان يخطط لتهجير كل أهالي درعا الى غير رجعه لانها كانت تقف في وجه دولة طائفية تعتزم واشنطن إنشائها, و لهذا كان من المفترض أن يكون هناك حرب شوارع تستنزف الجيش و تهجر الأهالي و على حدود محافظة مجاورة كان من المفترض أن يشب نزاع طائفي معه تفقد الدولة السيطرة على الجنوب تماماً.
و في الساحل يتم إثارة طائفه للهجوم على طائفة ثانية,و حين تثور هذه الطائفة يقطع السلاح عن الطائفة الأولى لتهجيرها و يقوم مسلحون بأعمال تفجيرات تستهدف طائفة ثالثة, فيكون هناك دولة بأمر الواقع, و في حمص نفس الأمر تقوم العصابات بترحيل طائفيتين من المدينة و بذلك تصبح العاصمة محاصرة و هي مشغولة بأحداث في دوما و ريف دمشق و تصبح مقطوعه عن باقي سوريا فتسقط الدولة المركزية, و لكن ما الذي حدث..؟
في درعا:- ذهب وفد الى الرئيس السوري ضمنه بعض قادة العصابات المسلحة, بغض النظر عن المطالب الخدمية و لكن يبقى الطلب الأهم هو خروج قوات الأمن من درعا, بحجة حل المشكلة مع المتظاهرين الذين لا يزيد عددهم على خمسة آلاف من اصل ميلون و ربع المليون مواطن, و فعلا تم سحب كل قوات الأمن, فأعتقد زعماء العصابات أنهم غدروا بالرئيس و أنه وقع بفخهم فقاموا باحتلال درعا عبر العصابات المسلحة, و مثل هذا الأمر يحتاج تدخل الجيش و لكن الجيش لم يتدخل, فظنت واشنطن أن النظام ضعيف خصوصا بعد أن النظام أعلن عن إصلاحات أصلاً لم يطالب بها المتظاهرون, بل رفع قسم منها هيئة وحدة الشيوعيين(قدري جميل) الذين لا يزيد عددهم في درعا عن عشرة أشخاص, فالإصلاح في سوريا كان رداً على الأحداث و ليس مطلبا للمتظاهرين.
و لان الجيش لم يدخل درعا طلب الأمريكي من العصابات المسلحة إستدعاء الجيش قصراً, فقامت العصابات بقتل خمسة جنود سوريين بالقرب من بلدة نوى, و فعلا دخل الجيش و لكن حسب الصحافة الإسرائيلية يجب على الجيش الإسرائيلي إعادة حساباته بقدرات الجيش السوري, فتفاجأ الجميع بقدرة الجيش, حيث حسم المعركة بخسائر لا تذكر.
في بانياس:-حسب موقع استخباراتي صهيوني عن رجل مخابرات أمريكية أن الجيش العربي السوري نفذ عملية أرعبت العالم في دقتها من خلال إبعاد سفينة ألمانية كانت تدير العصابات في بانياس, و بناء جدار إلكتروني سيطرت عبره أجهزة الأمن على الإتصالات ثم دفعت بالعصابات الى كمائن قبض فيها على كل المجرمين و قادتهم, و خصوصاً منهم الجنسيات العربية.
في تل كلخ:- نفذ الجيش العربي السوري عملية جراحية قبض خلالها على عشرات المسحلين, و بدأ بتضييق الخناق على مهربي السلاح و الإرهابيين.
في حمص:- كانت العملية الأمنية الأكبر حيث كان الناس في حي السباع مشغولون بالمظاهرات بينما المخابرات السورية تفكك أكبر شبكة إتصالات أمريكية معلنة بذلك سقوط العدوان على سوريا, و يقال انه بعد تفكيك هذه الشبكة أمر الحريري بتشغيل مشغل خلوي ثالث في لبنان تويض عن هذا الإخفاق,لإدارة العمليات العسكرية في الداخل السوري.
قبل أن نذكر نتائج هذه المرحلة من العدوان على سوريا, لنتذكر أنه خلال كل هذه الأحداث لم يتحرك اي من الإخوان المسلمين نهائيا لا في حماه و لا في جسر الشغور.
الأمريكي يطلب الدعم:-أدرك الأمريكي أن معركة الناتو في سوريا فشلت فشلاً ذريعا, فكان عليه الإنتقال الى خطط بديلة و لهذا عليه أن يستدعي حلفائه و بالذات تركيا و قطر و إسرائيل, فكان التالي بعد تفكيك شبكة الإتصال الأمريكية:-
1- هيلاري كلنتون تقول إن الاسد قدم ما لم يقدمه رئيس آخر, و طبعا كون آخر هم كلنتون الشعب السوري هذا الكلام يعني أننا فشلنا اذا لم تتحركوا سنفتح اتصالات مع القيادة السورية….
2- أوباما يطلب من إسرائيل العودة الى حدود العام 1967 كنوع من الضغط عليها……
3- عبد الحليم خدام يظهر علانية على التلفزيون الصهيوني و يطلب تدخل عسكري تركي……
4- يتم الإعلان عن تأجيل خط نابوكو الى العام 2017 بعد أن كان مقرراً في العام 2014……
5- أردوغان يشعر بالقلق على مستقبل خط الغاز و يبدأ بالتصعيد تجاه سوريا…….
6- الأسد يصدر عفو عام عن محكومين من الإخوان المسلمين. فشل الأمريكي و الناتو في سوريا و إستدعى حلفائه , في الجزء الثالث ماذا فعل التركي و القطري و الإسرائيلي.
[3] الخطة التركية
تبدأ الخطة البديلة فتخرج لأول مرة مظاهرات في حماه و جسر الشغور, و طبعا المتظاهرين هم الإخوان المسلمين,فكانت الخطة التركية, يقوم مسلحون بإحتلال جسر الشغور كون عدد رجال الأمن فيها لا يزيد عن 80, فيضطر الجيش للتدخل , يغرق في حرب شوارع و عبوات ناسفة و يهاجر الأهالي الى تركيا فيتدخل الجيش التركي.
و بعد أن طلب عبد الحليم خدام علنا على التلفزيون الإسرائيلي تدخل القوات التركية أعلن أردوغان علنا أن كل الخيارات متاحة تجاه سوريا بما فيها الحل العسكري, و طبعا تهديد إيران لتركيا بقصف القواعد العسكرية الأمريكية ليس الا رسالة للأمريكيين, و لكن اردوغان كان مصمما على الخوض في المغامرة, لان مستقبله كامل متعلق بالغاز.
جسر الشغور:- بدأ التنفيذ و قام 400مسلح بالبدء بشن هجوم على مراكز الأمن و الشرطة و حين جائت تعزيزيات نصب لهم كمين و قتل كل من فيها و حاولت مروحية التدخل فاصيبت , و نجحت العصابات بإحتلال جسر الشغور, فبنى أردوغان مخيمات بإنتظار دخول الجيش,بعد أن إستشهد 120 رجل شرطة و أمن, بدأت الجزيرة و لمدة أكثر من إسبوع تكرر خبر مفاده نزوح بالعشرات من جسر الشغور تخوفا من دخول الجيش, و سيدخل الجيش بسبب مقتل 120 شرطي يقول نشاطون أن الجيش قتلهم حسب الجزيرة, و لكن لم يدخل الجيش بل إنتظر كثيراً في كل يوم كان يشعر المسلحون أن الجيش سيدخل , فأعلنت سوريا أن الجيش سيدخل و لكن لم يتحرك الجيش و بعدها مظاهرات تطالب بتدخل الجيش في جسر الشغور, و إستمر الأمر أكثر من أربعة أيام حتى تمركزت قوات من الجيش على مدخل المدينة و لم تدخل.
و بعد عدة أيام أعلن التلفزيون السوري بشكل مفاجيء أن الجيش سيطر على المشفى الوطني في جسر الشغور, و تركيا تدرك أن المشفى الوطني هو مقر القيادة و السيطرة و بالتالي تم القبض على كل قيادات المسلحين, و مع ذلك طلب أردوغان من الجيش التركي دخول سوريا, و لكن الجيش التركي تفاجأ بوجود قوات سورية على الحدود ظهرت فجأة و لم يعد بمقدرة الجيش التركي الوصول الى جسر الشغور الا بأمر حرب على سوريا, و لم يتجرأ أردوغان على التوقيع على قرار حرب, فسوريا كانت تدرك اللعبة فقامت قبل أن تدخل الى المدينة بنشر قوات بشكل سري على الحدود و مع بدأ تنفيذ عملية تطهير جسر الشغور ظهرت القوات السورية للعلن, و عوضا عن دخول القوات التركية مع كاميرا الجزيرة دخلت القوات السورية مع 25 وسيلة إعلامية عالمية, و أمامهم بدأت بتنظيف المدينة من الكمائن و العبوات الناسفة, و إستخراج جثث الجنود السوريين من المقابر الجماعية.
حماه و اللاذقية:- كانت الخطة البديلة عند الأتراك هي مفاوضة سوريا على رأس حزب الله أو تصفية القضية الفلسطينية مقابل الهدوء و تم إشعال حماه التي كانت تشهد أصلا إضراب بالقوة تحول الى إحتلال عسكري و تم قتل معظم رجال الأمن في المدينة, و منطقة الرمل في اللاذقية, على أمل أن يصل داوود أوغلوا ليفاوض سوريا بهم, و لكن سوريا طلبت تأجيل الزيارة ثلاث أيام, و حين وصل لم يكن بيده اي ورقة فقد دخل الجيش الى حماه قبض على العصابات المسحلة و خرج و في اللاذقية حسمت المعركة.
دخول القطري على الخط:- بعد الفشل الثاني لأردوغان تدخل القطري بينما كان أردوغان يطلق تصريحات نارية تعبر عن الهسيتريا التي أصابته, و بطلب قطر تم تأسيس مجلس إنتقالي سوري, ترأسه برهان غليون دون أن يعلم , و قبض لاحقاً عشرين مليون يورو لقبول المنصب, و سمي الهرموش زعيماً للجيش السوري الحرب الذي واجبه إحتلال و لو 100 متر على الحدود لكي تقوم قطر و تركيا بالإعتراف بالمجلس الإنتقالي السوري كممثل شرعي لسوريا, و في هذه الأثناء كان من المفترض أن ينقل نبيل العربي رسالة الى دمشق و لكن دمشق كذلك طلبت تأجيل الزيارة أربع أيام و فعلا تم ذلك, فقام الأمير القطري بإطلاق تصريحه الشهير بإن الإحتجاجات في سوريا لن تتوقف حتى يتم تلبية شروط المتظاهرين, اي الشروط الأمريكية, و كان من المفترض عند وصول نبيل العربي و بعد تصريحات الأمير أن تكون هناك منطقة عازلة شمال سوريا , و لكن عوضا عن تحرك المجموعات المسلحة ظهر الهرموش على التلفزيون السوري. و من نتائج هذه المرحلة:-
1- إقالة وضاح خنفر من قناة الجزيرة…..
2-عودة البرامج الحوارية ليدخل فيصل القاسم على خط الحرب ضد سوريا…..
3- أردوغان يصاب بهستيريا التصريحات النارية و يطلب فرض السلام بالقوة على إسرائيل, معلنا فشله في إسقاط سوريا, و فقدان الأمل من خط نابوكو……
4- بوادر التخلي عن الإخوان المسلمين, حيث في مصر يظهر رئيس المجلس العسكري بلباس مدني و كأنه سيصبح مرشح رئاسي, و من جهة ثانية يترشح أحمد شفيق للإنتخابات……
5- في مصر يتم تحديد موعد للإنتخابات النيابية….
6-التلميح بإستهداف الجزائر كونها عقدة بوجه أمريكيا……
7- نجاح سوريا في حل مشاكلها الداخلية دون إستعمال أي من أوراق الضغط و لهذا شهدت سوريا هدوء في آخر إسبوعين, و بل هدوء غير مسبوق……
8- ظهور تسريبات عن حرب إستخباراتية يقصد بها سياسة الإغتيالات , و فعلا حدثت عدة حوادث في سوريا….
9- ظهور جاسوس صهيوني على التلفزيون السوري بشكل مفاجيء يعتقد أنه بداية الرد السوري ليؤسس لمرحلة الإنتقال من الدفاع الى الهجوم. فماذا تحمل الأيان القادمة لسورية, هو ما سيظهر, و لكن أصبح من المؤكد أن واشنطن و حلفائها هزموا شر هزيمة في سوريا,لدرجة أن الإتحاد الآوروبي الذي يتشدق بحرية الإعلام يفرض عقوبات على قناة الدنيا
[4] ماذا تحضر واشنطن ؟
معادلة إما سقوط سوريا أو سقوط الولايات المتحدة:-لفهم نتائج ما يحدث على الأرض و خطره على مستقبل واشنطن ذكرت سابقا عن تزايد النفوذ الروسي في آوروبا, و إفريقيا مع تصاعد الدول الناشئة كالبرازيل و جنوب إفريقيا و الهند و الصين و تأثيرهم على مصالح واشنطن, و على وحدة حلف الناتو, و لكن هناك مخاطر أخرى أكثر كارثية على واشنطن في حال لم تستطيع وضع اليد على مصادر الغاز.
منذ العام 1976 سحبت الولايات المتحدة ذهبها من حماية الدولار و باعته لتنقذ نفسها على حساب العالم, و اصبح العملة الوحيدة في العالم التي لا ترتبط بالذهب و من تاريخها اذا صعد الذهب هبط الدولار و اذا هبط الدولار صعد الذهب, و طبعا قامت واشنطن بهذه الخطوة بعد أن كادت تصل الى الإفلاس فسرقت العالم بخطوة إحادية الجانب.
و لكن اليوم هذه الخطوة لا تتكرر, علماً بأن ديون الولايات المتحدة الفيدرالية تعادل 14200 مليار دولار بعد حربيها في العراق و أفغانستان, و ما رفع سقف الدين الأمريكي الا تأجيل للازمة التي قد تدمر الإقتصاد الأمريكي. في السابق كانت واشنطن تسترجع عملتها الخضراء, و مع هذا الإسترجاع كان الدولار يحافظ على قيمته, رغم انه ليس الا ورقة بلا معادل ذهبي, و خصوصا حين كانت تسيطر على معظم منابع النفط و بشكل خاص في الخليج العربي, الذي لا يسعر النفط بالدولار و يربط عملته بالدولار فقط, بل كل الدولارات التي يقبضها يعيدها الى واشنطن لشراء بضائع امريكية, و اسلحة, و كإيداعات فمثلا دولة عربية واحدة لها إيداعات في الولايات المتحدة بقيمة 3400 مليار دولار, و لكن في السنوات الماضية و بعد أن أصبح الغاز ينافس النفط, و بعد كلفة الحروب التي شنتها واشنطن و لم تحصل على ثمنها , و التقارب الروسي الصيني الذي جعل من الصين قوة ترفض شراء سندات الخزينة الأمريكية, و لا تخضع للضغوط الأمريكية برفع قيمة عملتها, فإن مستقبل العملة الخضراء أصبح في خطر, و ما تضاعف سعر الذهب خلال السنوات السابقة الا مؤشر إنهيار العملة الخضراء, و بالتالي الأمل الوحيد لواشنطن هو ضمان بيع الطاقة بالدولار الأمريكي حتى لو لم تسيطر عليه , فجزء من حرب الغاز و تحدثنا عنه يتعلق بالنفوذ و الجزء الآخر و هو الأخطر على واشنطن يتعلق بالعملة الأمريكية نفسها, و لفهم شدة الخطر على واشنطن في حال فشلت في مد خط نابوكو لنأخذ الإحتمالات:-
اولا أن تسيطر واشنطن على غاز المنطقة و البدء بعزل الغاز الروسي عن آوروبا فإن واشنطن كما أسلفت في الجزء الأول من هذه الدراسة فإن النفوذ الأمريكي سيمتد الى وسط آسيا و بالتالي ستصبح واشنطن كذلك شريك في نفط و ثروات بحر قزوين……
ثانيا أن تفشل واشنطن في تغذية خط نابوكو و إسقاط الجزائر و بالتالي هناك ست أنابيب غاز ستغذي آوروبا بدون نفوذ الأمريكيين و بالتالي يصبح الإتحاد الآوروبي تحت رحمة روسيا و حلفائها, و عملة بيع هذا الغاز بيد روسيا و بالتالي قد لا تكون الدولار و بل من المؤكد أن البيع سيكون بسلة عملات الدولار المتهاوي ليس ضمنها, و يضمن لموسكو نفوذ على ثروات بحر قزوين, و هذا يعني تهاوي النفوذ الأمريكي من إفريقيا الى آسيا الى آوروبا و معه تهاوي العملة الأمريكية. فواشنطن حين شنت عدوانها على سوريا كانت تدرك أن عدم سقوط سوريا قد يعني سقوط الولايات المتحدة الأمريكية, و لهذا من الواضح أنها كانت تملك خطط بديلة فماهي الخطط البديلة.
1- توجيه ضربة عسكرية لإيران, و لكن مثل هذه الضربة قد تدمر الإقتصاد العالمي كون أكثر من نصف بترول العالم سيكون تحت الرحمة الإيرانية, فكانت تحاول واشنطن إستخراج النفط من خليج المكسيك لعلها تؤمن بديلا للنفط خلال فترة الحرب و مع التسرب النفطي فشلت في إستخراج النفط, و بدأ الوقت يداهمها….
2- إسقاط سوريا فشل تماماً و لم تتمكن من وضع يدها على المنطقة
3- يمكن تلمس الخطط البديلة من خلال دخول القطري على خط إنقاذ اليونان التي كانت كبش الفداء الأمريكي لأردوغان فيما لو نجحت واشنطن بإسقاط سوريا, فمن الواضح أن واشنطن بعد أن خسرت مخطط ضخم جداً ستعود لسياسة العصا و الجزرة, فبعد أن كانت تتآمر مع التركي على اليوناني الآن واشنطن تؤيد اليوناني ضد التركي و قطر تستثمر في اليونان , و اليونان هي البلد المتوقع أن يدخله خط الغاز الإيراني, فهل واشنطن ستحرك عملية السلام و تعيد محاولة جر الغاز بالطرق السلمية, أو ستقوم بالإنتقال الى تصعيد جديد تجازف فيه بكل ما تملك. من المؤكد أن سوريا إنتصرت في هذه المعركة و لكن من المؤكد أن معارك قادمة ستبدأ.
الصراع على الشرق الأوسط: الغاز أولاً
د.عماد فوزي شعيبي
رئيس مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية بدمشق
في وقت بدا فيه أن ثمة تداعٍ في دول اليورو وسط أزمة اقتصادية أمريكية بالغة الدقة أوصلت أمريكا إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون دولار، أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي (GDP) في وقت وصل فيه النفوذالأمريكي العالمي إلى حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل بات واضحاً أن البحث عن مكمن القوة لم يعد في الترسانات العسكرية النووية وغير النووية، إنما هناك ... حيث توجد الطاقة. وهنا بدأ الصراع الروسي – الأمريكي يتجلى في أبرز عناصره.
لقد تلمس الروس بعد سقوط الاتحاد السوفييتي أن الصراع على التسلح قد أنهكهم وسط غياب عن عوالم الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية، فيما كان الأمريكيون يتحركون في مناطق النفط عبر عدة عقود مكنتهم من النمو ومن السيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن الطاقة (النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في قطاعات النفط كثيراً، عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.
كانت البداية عام 1995 حين رسم بوتين إستراتيجية شركة غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا فأذربيجان فتركمانستان فإيران (للتسويق) وصولاً إل منطقة الشرق الأوسط (مؤخراً)، وكان من المؤكد أن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيكونان وسام الاستحقاق التاريخي على صد فلاديمير بوتين منأجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل استعادة دور روسيا كدولة أولى أو ثانية في الترتيب الدولي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز بديلاً من النفط أو بالتوازي معه ولكن بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها الموازي (نابكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية على أساسها سيتعين القرن المقبل سياسياً واستراتيجياً.
يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أو من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا، فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم يعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
واضح أن روسيا قد قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً. فسقوط الاتحاد السوفياتي قد كان بسبب غياب موارد الطاقة العالمية عن سيطرته، لتضخ إلى البنى الصناعية المال والطاقة، وبالتالي البقاء، و لذلك تعلمت أن لغة الطاقة القادمة إلى القرن الواحد والعشرين على الأقل هي لغة الغاز.
بقراءة أولية لخارطة الغاز نراها تتموضع في المناطق التالية من حيث الكم والقدرة على الوصول إلى مناطق الاستهلاك:
1. روسيا انطلاقاً من فيبرغ (Vyborg) وبيري غوفيا (Beregovya).
2. الملحق الروسي: تركمانستان.
3. المحيط الروسي القريب والأبعد: أذربيجان وإيران.
4. المقنوص!!! من روسيا: جورجيا.
5. منطقة شرق المتوسط (سورية، لبنان)
6. قطر ومصر ...
على هذا سارعت موسكو للعمل على خطين استراتيجيين الأول التأسيس لقرن روسي-صيني (شنغهاييّ) يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية، والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى.
وبناء عليه، فقد أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي. وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان، وهو مشروع نابوكو (Nabucco).
سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى.
• المشروع الأمريكي نابوكو مركزه آسيا الوسطى والبحر الأسود ومحيطه فيما موقعه المُخزِّن هو (تركيا) ومساره منها إلى بلغاريا فرومانيا ثم هنغاريا فالتشيك وكرواتيا وسلوفانيا فإيطاليا. وكان من المقرر أن يمر باليونان، إلا أن هذا قد تم غض الطرف عنه كُرمى لتركيا.
• المشروع الروسي في شقيه الشمالي والجنوبي يقطع الطريق عبر التالي:
أ. السيل الشمالي (Nord Steam) وينتقل من روسيا إلى ألمانيا مباشرة ومن فاينبرغ إلى ساسنيتز عبر بحر البلطيق دون المرور ببيلاروسيا، وهو ما خفف الضغط الأمريكي عليها.
ب. السيل الجنوبي (South Stream): ويمر من روسيا إلى البحر الأسود فبلغاريا ويتفرع إلى اليونان فجنوب إيطاليا وإلى هنغاريا فالنمسا.
المفروض أن مشروع (نابوكو) كان من المقرر أن يسابق المشروعين الروسيين إلا أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014، مما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا، في هذه المرحلة بالذات، ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في:
1. الغاز الإيراني الذي تصرّ الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في (Erzurum) إيرزورام في تركيا.
2. غاز منطقة شرق المتوسط (إسرائيل ولبنان وسورية).
وبالقرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر تموز/يوليو 2011 تصبح سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني، وهو فضاء جيوستراتيجي – طاقي يُفتح لأول مرة جغرافياً من إيران إلى العراق إلى سورية فلبنان، وهو ما كان من الممنوعات وغير المسموح بها لسنين طويلة خلت؛ الأمر الذي يفسر حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة وبروز دور لفرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية ومصالح (لا تموت!!)، وهو دور لا ينسجم مع طبيعة الغياب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية!! ما يعني أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في عالم (الغاز) حيث اقتطعت لنفسها بوليصةتأمين صحي بخصوصه في ليبيا، وتريد بوليصة تأمين على الحياة به في كل من سورية ولبنان.
في هذا الوقت تشعر تركيا أنها ستضيع في بحر صراع الغاز طالما أن مشروع نابوكو متأخر ومشروعا السيل الشمالي والجنوبي يستبعدانها وفيما غاز شرق المتوسط قد بات بعيداً من نفوذ نابوكو وبالتالي تركيا .
• تاريخ اللعبة:
من أجل مشروع السيل الشمالي والسيل الجنوبي أسست موسكو شركة غاز بروم في أوائل النصف الأول منتسعينيات من القرن العشرين. واللافت أن ألمانيا التي تريد أن تخلع عنها أسوار ما بعد الحرب العالمية الثانية قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً لهذا المشروع؛ إن من حيث التأسيس أو من حيث مآل الأنبوب الشمالي أو من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا.
غازبروم:
تأسست شركة غازبروم بالتعاون مع صديق ألماني لموسكو يدعى (هانز جوشيم غوينغ) الذي شغل منصب نائب رئيس سابق لشركة صناعة الغاز والنفط الألماني وهو الذي أشرف على بناء شبكة خطوط الأنابيب التابعة لشركة(GDR). وقد ترأس غاز بروم (حتى شهر تشرين الأول/أوكتوبر عام 2011) فلاديمير كوتينيف (وهو سفير روسي سابق في ألمانيا).
وقد وقعت الشركة صفقات نوعية ومريحة جداً مع شركات ألمانية وعلى رأسها الشركات المتعاونة مع السيل الشمالي كشركة (E.ON) العملاقة للطاقة وشركة (BASF) العملاقة للكيميائيات، حيث تأخذ شركة (E.ON)تفضيلات لشراء كمية من الغاز على حساب شركة غازبروم، عندما ترتفع أسعار الغاز مما يعتبر بمثابة دعم (سياسي) لشركات الطاقة الألمانية.
وقد استفادت موسكو من تحرر أسواق الغاز الأوروبية من الاحتكار لإرغام تلك الأسواق على فك الارتباط بين شبكات التوزيع ومنشآت الإنتاج.
هذا الاشتباك بين روسيا وبرلين يطوي صفحة من العداء التاريخي ليرسم صفحة أخرى من التعاون على أساس الاقتصاد والتنصّل من ثقل تنوء به ألمانيا وهو ثقل أوروبة المتخمة بالديون والتابعة للولايات المتحدة، فيما ترى ألمانيا أن المجموعة الجرمانية (ألمانيا والنمسا والتشيك وسويسرا) هي الأولى بأن تشكل نواة أوروبة، لا أن تتحمل النتائج المترتبة على قارة عجوز وعملاق آخر يتهاوي.
وتشمل مشاريع غازبروم المشتركة مع ألمانيا مشروع وينغاز المشترك مع وينترشال أحد فروع (BASF)، وهي أكبر منتج للنفط والغاز في ألمانيا وتسيطر على 18% من سوق الغاز، حيث نالت ألمانيا حصصاً غير مسبوقة في الأصول الروسية؛ إذ تسيطر شركتا (BASF) و(E.ON) على ربع حقول غاز يوزنو – روسكويا التي ستقدم معظم الإمدادات لمشروع السيل الشمالي في وقت ليس من قبيل الصدفة أو مجرد المحاكاة أن تكون نظيرة غازبروم الروسية في ألمانيا تدعى غازبروم الجيرمانية والتي توسع مجالها لتمتلك 40% من شركة (Centrics) النمساوية المخصصة لخزن الغاز والتي لها في قبرص امتداد نوعي، حيث لا يبدو أن تركيا ستكون راضية عنه. وهي تفتقد متحرقةً لدور متأخر في شركة غاز نابوكو حيث يفترض أن تبدأ بتخزين وتسويق وتمرير (31) مليار متر مكعب من الغاز وصولاً إلى (40) مليار متر مكعب – لاحقاً – في مشروع يرهن أنقرة أكثر فأكثر لقرارات واشنطن والناتو دون أن يكون لها الحق في أن تصر على الدخول إلى الاتحاد الأوروبي الذي لفظها مرات عدة!.
وواقع الحال أن الصلات الاستراتيجية عبر الغاز تجعل الصلات أكثر إستراتيجية في قطاعات السياسة حيث يمتد تأثير موسكو على الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني في ويستفاليا شمالي نهر الراين حيث توجد القاعدةالصناعية الرئيسة لفرعي شركتي (RWE) للكهرباء المرتبطة مع روسيا بوثاقة (E.ON).
وهذا التأثير يعترف به الجميع في ألمانيا؛ إذ أن رئيس قسم سياسات الطاقة في حزب الخضر هانس جوزيف قد أكد أن أربعة شركات ألمانية على صلة بروسيا تلعب دوراً في صياغة سياسة الطاقة ألألمانية عبر شبكة معقدة جداً تقوم بالضغط على الوزراء وتحتكر الرأي العام وذلك عبر هيئة العلاقات الاقتصادية الشرق أوروبية التي تمثلالشركات الألمانية والتي على اتصال وثيق بأعمال تجارية في روسيا ودول كتلة الاتحاد السوفياتي السابق.
هنا، فإن ما يجعل ثمة صمت (لا بد منه) تتبعه ألمانيا إزاء ما يجري من نفوذ روسي متسارع، أساس هذا الصمت الاعتراف بأن ثمة ضرورةً لتحسين ما يسمى (أمن الطاقة) في أوروبة.
اللافت أن ألمانيا باتت تعتبر أن سياسة (التمرير) المُقترحة من الاتحاد الأوروبي لتغطية أزمة اليورو ستعيق الاستثمارات (الألمانية-الروسية) بشكل طويل الأمد، وهذا السبب ما يقف -مع غيره من الذرائع- وراء التمهل الألماني في إنقاذ اليورو المثقل بديون الأوروبيين ... بخلاف ألمانيا وكتلتها الجرمانية التي تستطيع تحملها وحدها دون غيرها.
وفي كل مرة يعاند فيها الأوروبيون ألمانيا وسياستها مع روسيا (الطاقية) تؤكد برلين على أن خطط أوروبة (يوتوبية) غير قابلة للتنفيذ وقد تدفع روسيا لبيع غازها في آسيا وهذا سيطيح بالأمن الطاقي في أوروبة.
وواقع الحال أن هذا الاشتباك الروسي – الألماني لم يكن من النوع الساذج عندما استثمر (بوتين) تراث الحرب الباردة من وجود روسي للناطقين بالروسية في ألمانيا والبالغ عددهم ثلاثة ملايين، وهم يشكلون ثاني أكبر جماعة بعد الأتراك، إضافة إلى شبكة من المسؤولين الألمان الشرقيين الذين تم توظيفهم لرعاية الشركات الروسية في ألمانيا ومصالحها، فضلاً عن عدد من عملاء جهاز أمن الدولة الألماني الشرقي السابق ومنهم على سبيل المثال مدير جرمانيا غازبروم لشؤون الموظفين وشؤون التمويل، ومدير اتحاد (السيل) المالي هاينس وورينغ، وهو ضابط سابق في جهاز أمن الدولة الألماني الشرقي والذي نقلت صحيفة وول ستريت جورنال أنه قدم لبوتين حين كان في جهاز أمن الروسي (KGB) المساعدة لتوظيف جواسيس في مدينة دريسدن في ألمانياالشرقية.
ولكن وللإنصاف، فإن واقع الحال يقول: إن استثمار روسيا (للعلاقات) السابقة لم يكن فجاً بل كان لمصلحة ألمانيا ككل، الأمر الذي لم يجعل الصدام ممكناً باعتبار أن المصلحة بين الطرفين متحققة، دون هيمنة.
* السيل الشمالي: يشكل مشروع السيل الشمالي عنصر الربط الرئيس بين روسيا وألمانيا. وتبلغ تكلفة خط الأنابيب 4.7 مليار يورو وقد تم تدشينه مؤخراً. وعلى الرغم من أنه يصل روسيا بألمانيا إلا أن إدراك الأوروبيين أن هذا المشروع سيكون جزءاً من الأمن الطاقي، قد جعل هولندا وفرنسا تسارعان لإعلانه مشروعاً أوروبياً، حتى أن (ليندر) في لجنة العلاقات الاقتصادية لأوروبة الشرقية سرعان ما أعلن دون أي خجل أو تردد: "إن هذا مشروعأوروبي وليس ألمانياً، ولن نسمح لألمانيا أن تعتمد اعتماداً كبيراً على أوروبة". وهو تصريح يدلل على الخشية من النفوذ الروسي المتناهي في ألمانيا، إلا أنه ليس أكثر من هذا؛ إذ أن مشروع السيل الشمالي يعكس هيكلياً خطة موسكو وليس خطة الاتحاد الأوروبي.
سيتمكن الروس من إيقاف إيصال الطاقة إلى بولندة ودول أخرى حسبما يشاؤون وسيتمكنون من بيع الغاز لمن يدفع أكثر. لكن أهمية ألمانيا بالنسبة لروسيا تكمن عملياً في أنها تشكل نقطة لانطلاق إستراتيجيتها عبر القارة حيث تمتلك جرمانيا غازبروم أسهماً في ما لا يقل عن خمسة وعشرين مشروعاً مشتركاً في بريطانيا وإيطالياوتركيا وهنغاريا وغيرها. وهو ما يهيئ فعلياً للقول إن غازبروم ستصبح (بعد قليل) أكبر شركات العالم إن لم تصبح أكبرها إطلاقاً.
لم يكتف قادة غازبروم ببناء مشروعهم هذا، إلا أنهم تداخلوا مع مشروع غاز نابوكو الذي سيتأخر – كما قلنا – حتىعام 2017 معتبرين أنه مشروع يشكل تحدياً كبيراً إذ قامت الشركة غازبروم التي تمتلك 30% من منشآت (باومغارتين) بشراء نسبة 20% من مشروع لبناء خط أنابيب رئيس ثانٍ يصل إلى أوروبة على خط نابوكو (نفسه). وهو مشروع تعلن فيه غازبروم عن تشابك سياسي، أو لنقل بصراحة مزاودة سياسية بهدف إظهار عضلاتها من خلال إيقاف العمل بخط نابوكو أو تعطيله.
والحقيقة ان موسكو لم تكتف بذلك، فقد سارعت لشراء غاز آسيا الوسطى وبحر قزوين عبر مناقصة لإبعاده عن العمل بخط أنابيب نابوكو مستخدمة كل أنواع السخرية السياسية – الاقتصادية – الاستراتيجية بآن من واشنطن!!!.
* رسم خارطة أوروبة ... ومن ثم العالم:
في سياق كل ما سبق، تشغّل غازبروم منشآت للغاز في النمسا وذلك في المحيط الاستراتيجي الجيرماني، كما أنها تؤجر منشآت في بريطانيا وفرنسا. إلا أن منشآت التخزين المتزايدة في النمسا ستكون محوراً لرسم الخارطة الطاقية لأوروبة في جزء هام إذا أنها ستزود الأسواق السلوفانية والسلوفاكية والكرواتية والهنغارية والإيطالية وبعضاً من الألمانية بالتضافر مع مخزن أُعِدَّ حديثاً يدعى (كاترينا) تقوم شركة غازبروم ببنائه بالشراكة مع ألمانيا لتوريد الغاز إلى مراكز أوروبة الغربية.
وقد أقامت شركة غازبروم مشروع منشأة تخزين مشترك مع صربيا لتصدير الغاز إلى البوسنة والهرسك وجزءٍ من النمسا فضلاً عن صربيا نفسها، وقد أجريت دراسات لجدوى اقتصادية لعدد من مشاريع التخزين المماثلة في جمهورية التشيك ورومانيا وبلجيكا وبريطانيا وسلوفاكيا وتركيا واليونان وحتى فرنسا. وبهذا ستحصن موسكو موقعهاكمزود لـ 41% من احتياجات أوروبة للغاز، ما يعني تغييراً جوهرانياً في علاقات الشرق بالغرب على المديين القريب والمتوسط أولاً ثم البعيد ثانياً، وهو ما يعني تراجعاً للنفوذ الأمريكي أو صداماً يُهيَّئ له في أحد جوانبه بالتضافر مع اعتبارات الدرع الصاروخي لتأسيس نظام عالمي جديد سيكون (الغاز) في صلب عوامل تشكيله. وهذا ما يفسرحجم الصراع في منطقة شرق المتوسط على الغاز الجديد في شرقي حوض البحر الأبيض المتوسط.
* نابوكو في مأزق:
صممت نابوكو لنقل الغاز من تركيا إلى النمسا عبر 3900 كم ولتمرير 31 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً من منطقة (الشرق الأوسط) وفزوين إلى الأسواق في أوروبة. ولعل اللهاث الأمريكي-الفرنسي (الناتوي) وراء حسم الأمور في منطقة شرق المتوسط وتحديداً (سورية ولبنان)يكمن في ضرورة تأمين أوضاع هادئة وموالية لاستثمار ونقل الغاز، وهو ما ردت عليه سورية بتوقيع عقد لتمرير الغاز من إيران إلى سورية عبر العراق، وهو الغاز اللبناني والسوري محور الصراع من أجل إما إلحاق هذا الاحتياطي بغاز نابوكو أو بغازبروم وبالتالي السيل الجنوبي.
يتألف اتحاد شركة غاز نابوكو من شركة (RWE) الألمانية وشركة (OMV) النمساورية وشركة بوتكس التركية وشركة بلغاريا القابضة للطاقة البلغارية وشركة ترانزغاز الرومانية.
التكاليف الأولية لهذا المشروع المنافس لغازبروم، والتي قدّرت قبل خمس سنوات بـ 11.2 مليار دولار، وستحقق أسعار غاز أقل من المشروع الروسي، سترتفع بسبب التأخير حتى عام 2017 إلى 21.4 مليار دولار مما يطرح تساؤلات حول مدى نجاح هذا المشروع الاقتصادي، خصوصاً مع استنفاد شركة غازبروم عقد الصفقات في أكثرمن مكان لتطويق نابوكو التي ستقتات على القدرة الفائضة للغاز من تركمانستان، خصوصاً وأن اللهاث الرئيس الضائع الأثر وراء غاز (إيران) يُبعد حلم نابوكو عن أن يكون ذا قيمة واقعية. وهذا أحد أسرار الصراع على إيران التي زادت في التحدي عبر اختيار العراق وسورية مساراً لغازها أو لجزء أساسي منه على الأقل.
وهكذا، لا يعود لنابوكو من خيار إلا إمدادات حقل شاه دنيز الأذربيجاني لن تكون إلا المصدر شبه اليتيم لمشروع يبدو أنه متعثرمنذ البداية من خلال تسارع صفقات ونجاحات موسكو في شراء مصادر نابوكو من ناحية، والصعوبة في إحراز تغيرات جيوسياسية في كل من إيران وشرق المتوسط: (سورية ولبنان)، في وقت تسارع فيه تركيا لحجز حصتها في مشروع نابوكو سواء لجهة توقيعها عقداً مع أذربيجان لشراء ستة مليارات متر مكعب من الغاز عام 2017 أو لجهة السعي لوضع اليد على سورية ولبنان إما لعرقلة مرور النفط الإيراني أو لنيل حصة في الثروة الغازية اللبنانية أو السورية، أو لكليهما معاً. فيما يبدو السباق ضارياً على حجز مقعد في النظام الدولي الجديد ... عبر الغاز، وأشياء أخرى تمتد من الخدمات العسكرية الصغيرة إلى القبب الاستراتيجية للدرع الصاروخي.
ولعل أكثر ما يشكل خطراً على نابوكو هو أن تقوم روسيا بقتل ودفن الأخير من خلال التفاوض على عقود أكثر أفضلية وتنافسية لإمدادات الغاز لتصب في غازبروم بسيليها الشمالي والجنوبي، وقطع الطرق عن أي نفوذ (طاقي) وسياسي لأمريكا أو أوروبا في كل من إيران وشرق المتوسط، فضلاً عن أن تكون غازبروم من أهم مستثمري أو مشغّلي حقول الغاز حديثة العهد في كل من سورية ولبنان، إذ لم يكن اختيار التوقيت في 16/8/2011 عابراً كي تعلن وزارة النفط السورية عن اكتشاف بئر غاز في منطقة قارة وسط سورية وقرب حمص بمايحقق إنتاجية بقدرة 400 ألف متر مكعب يومياً أي ما يعادل 146 مليون متر مكعب سنوياً، دون أي حديث عن غاز البحر الأبيض المتوسط!!!.
لقد خفف مشروعا السيل الشمالي والجنوبي من أهمية السياسة الأمريكية التي بدا أنها تتراجع إلى الخلف، فيما تراجعت آثار الكُره الكامنة بين دول أوروبة الوسطى وروسيا، إلا أن بولندة لا يبدو أنها ستخرج من اللعبة سريعاً.
ولا يبدو الولايات المتحدة الأمريكية مستعدة للتراجع، إذ أنها أعلنت في أواخر تشرين الأول/أوكتوبر 2011 عن التحول المتمثل في سياسات الطاقة بسبب اكتشاف مناجم الغاز الحجري في أوروبة لتقليل الاعتماد على روسيا ... والشرق الأوسط. ولكن يبدو أن هذا أملاً بعيد المنال أو المدى، إذ ثمة العديد من الإجراءات قبل الوصول إلى الإنتاج التجاري من مصادر غير تقليدية كمناجم الغاز الحجري الموجود في الصخور على عمق آلاف الأقدام تحت الأرض ويمكن الحصول عليه بكسر الصخور واستخدام مياه عالية الضغط بالتكسير الهيدروليكي بضخ عالي الضغط للسوائل والرمال في بئر لإطلاق الغاز. ولكن السؤال يطرح نفسه بالمخاوف البيئية من تأثير تقنيات التكسير على المخزون الجوفي ذاته.
* الصين على الخط:
يُشكل التعاون الروسي – الصيني في مجال الطاقة القوة الموجهة للشراكة الاستراتيجية الصينية – الروسية، و هو ما يراه الخبراء رائزاً يقف وراء الفيتو المشترك لصالح سورية في مجلس الأمن.
إن التعاون في مجال الطاقة هو (شحم) تسريع الشراكة بين العملاقين، والأمر يتعدى إمداد الغاز بأفضليات للصين إلى المشاركة في توزيعه عبر (بيع الأصول والمنشآت الجديدة) ومحاولات السيطرة المشتركة على الإدارات التنفيذية لشبكات توزيع الغاز، حيث تقدم موسكو حالياً عرضاً بالمرونة في أسعار إمدادات الغاز شريطة أن يسمح لها بالدخول إلى الأسواق الصينية المحلية لأن الأرباح تكمن في الداخل الصيني. ولهذا تم الاتفاق على أن الخبراء الروس والصينيون يستطيعون العمل سورية في الاتجاهات التالية: "تنسيق استراتيجيات الطاقة في البلدين، والتنبؤ، ورسم السيناريوهات المستقبلية، وتنمية البنية التحتية للسوق، وفعالية الطاقة، ومصادر الطاقة البديلة.
وهنالك فضلاً عن التعاون في الطاقة مصالح إستراتيجية أخرى تتمثل في التصور المشترك الروسي – الصيني في مخاطر المشروع الأمريكي المسمى بالدرع الصاروخي، ذلك أن واشنطن تشرك اليابان وكوريا الجنوبية في ذلك المشروع. ولا تكتفي بذلك، بل إنها وجهت دعوة إلى الهند في أوائل شهر أيلول/سبتمبر 2011 من أجل أن تصبح الهند شريكاً في البرنامج نفسه. كما تتقاطع مخاوف موسكو وبكين من تحرك واشنطن لإعادة إحياء إستراتيجية آسيا الوسطى المدعو (طريق الحرير) وهو نفس توجه مشروع آسيا الوسطى الكبير الذي طرحه جورج بوش الأب لدحر النفوذ الروسي والصيني في آسيا الوسطى بالتعاون مع تركيا لحسم الموقف في أفغانستان عام 2014 وترتيب النفوذ (الناتوي) هناك والإشارات المتزايدة لرغبة أوزبكستان للقيام بدور المضيف للناتو في هذا المشروع.وهنا يقدِّر بوتين بأن ما يمكن أن يحبط غزو الغرب بشكل أساسي للرواق الخلفي الروسي لأسيا الوسطى هو اتساع الفضاء الاقتصادي الروسي المشترك مع كازاخستان وبيلاروسيا بالتعاون مع بكين بالنسبة لكازاخستان، وهو مشروعه الرئيس في رئاسته المتوقعة ربيع عام 2012.
هذه الصورة لآليات الصراع الدولي تفسح في المجال أمام رؤية جانب من عملية تشكيل النظام العالمي الجديد على أرضية الصراع على النفوذ العسكري وعلى أرضية (القبض) على روح العصر: الطاقة وعلى رأسها الغاز.
http://elw3yalarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=11095
To subscribe/unsubscribe send
a blank message with the appropriate
request in the subject window. Feel free to
forward for information and educational
purposes with Signature intact, please!
No comments:
Post a Comment